مع تزايد معدلات الجريمة في عالمنا المعاصر وتعدد وسائلها، تزايدت التحديات أمام السلطات المكلّفة بمكافحتها. ومع استفادة المجرمين القصوى من الإمكانات التي أتاحها التطور التكنولوجي المطرد من أجل إخفاء آثار جرائمهم، أو تمويهها سعت الأجهزة الأمنية المختصة في المقابل إلى تسخير معطيات العلم الجنائي الحديث بما يدعم التقنيات التي تجريها الضابطة العدلية بالقرائن والأدلة القادرة على فتح المسالك المغلقة في دروب التحقيق المتشعبة.
إن الخطوة البدهية الأولى أمام المحقق العدلي أو القضائي، هي الوصول إلى مسرح الجريمة ومعاينته عن كثب. ولا بد له من الاستعانة بالخبراء أو الاختصاصيين للتمكن من جمع الأدلّة الجرمية والبحث عن كل الآثار المادية ورفعها لمعالجتها لاحقًا. ولا يمكن إجراء المسح الممنهج الشامل في مسرح الجريمة إلاّ بالمحافظة عليه وعلى جميع محتوياته مهما بدت ثانوية. ومع تنامي دور الجيش في عمليات حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى دوره الأساسي في الدفاع عن البلاد ضد العدو الإسرائيلي، تنامت مسؤوليات الضابطة العدلية العسكرية ممثلة بالشرطة العسكرية وسرايا شرطة المناطق التي راحت تواجه في تحقيقاتها معضلات جديدة ومتنوعة.

ولأن هذه المعضلات تزيد أو تنقص فعالية الإجراءات المتخذة للحفاظ على مسرح الجريمة، لا سيّما من قبل أول الواصلين إليه، كان لا بد من تعميم الوعي في هذا المجال لدى جميع العسكريين من مختلف الرتب وفي كل الوحدات.

Last modified: Friday, 19 April 2024, 9:32 AM